المقال الافتتاحي للدعوى
أجزاء المقال
- يعتبر المقال الافتتاحي للدعوى هو الذي تفتح بمقتضاه الدعوى التي يرفعها المدعي الى القضاء ليحكم له بما يدعيه إن اثبت جدية موقفه بوسائل قانونية ثابتة.
ولا يكون المقال الافتتاحي مقبولا شكلاً إلا بتوفره على مقتضيات الفصل 1 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص "لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة والأهلية والمصلحة لإثبات حقوقه" .
والبيانات الشكلية هي التي يتم تضمينها بدباجة المقال الافتتاحي للدعوى.
الفقرة الأولى: الديباجة (الصفة – الأهلية – المصلحة)
الفقرة الثانية : الوقائع
- و تعني حسب بعض الفقه " الوقائع تعني الأحداث، أي ما حصل وكان له كيان ذاتي وصار بذلك منتميا الى الماضي" وهي تمثل نقطة البدء في ترتيب وتحديث النشاط القضائي بين سكوته وسكونه
- و اذا كانت الوقائع من تأليف وضع المدعي، كان لابد عليه من انجازها و ترتيبها وصياغتها بلغة قانونية تسهل على القاضي فهمها و ادراك معانيها تفاديا لفهمها عن طريق الخطأ أو لتحريفها، أو تعديلها أو الفصل في أكثر منها، وعلى المدعي أن يبدأ بسرد الوقائع الثابتة التي لانزاع فيها ثم يتطرق فيما بعد الى موضوع النزاع أي نقط الخلاف بينه وبين المدعى عليه.
- و للإشارة فالوقائع يجب أن تصاغ في الماضي، لأنها من المفترض أن تكون حصلت قبل تاريخ تحرير مقال الدعوى، و اتباع زمن الماضي هو الأسلم في الصياغة، و لابأس أن يشير فيها المدعي الى تواريخ الأحداث بشكل متوالي يسهل على القضاء الاطلاع على ملف القضية بتسلسلها الزمني، واستخلاص وقائعها و تقديرها وانزال القانون الواجب التطبيق عليها بشكل سليم.
ويستحسن على المدعي أن يتفادى استعمال مسألة الاجمال والعمومية وعدم الوضوح،اذ من شأن الغموض في الوقائع أن يؤثر في تكييفها من طرف القاضي أو تحريفها بشكل يضر بمصالحه.
مقال الدعوى، فقد جاء في الفقرة الثانية من الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية على أنه " يجب أن يبين بايجاز في المقالات والمحاضر علاوة على ذلك موضوع الدعوى و الوقائع و الوسائل المشارة وترفق بالطلب المستندات التي ينوي المدعي استعمالها
وفي هذا الاطار أيضا فان الوقائع هي التي توجه اقتناع القاضي وعقيدته، فلا يمكن أن يبني هذه القناعة الا بناء على ما يعرض عليه، فلا يمكنه أن يحكم بعلمه الشخصي، الا عد متجاوزا لحدود سلطته
الفقرة الثالثة: المناقشة
- ونعني بها تعليل الطلب وتسبيبه و إثارة الوسائل.
- يعتبر هذا الجزء من المقال بحق أهم من باقي الأجزاء الأخرى لأنه هو الرابط و المخيط بين الواقع والحق المطالب به وبدونه يبقى الحق المدعى فيه غير مبرر سينتهي به الأمر الى الرفض من طرف المحكمة.
- ومناقشة الطلب تعني تعليله وتسبيبه بجميع الحجج الواقعية والقانونية والاستدلال بما استقر عليه اجتهاد العمل القضائي في قضايا مماثلة.
- والتعليل هو تضمين طلب الدعوى الأسباب الضرورية التي تعززه أو تضحد ادعاء الخصم وهو وسيلة لدفع القاضي للتقييد بما ورد عليه من وقائع وحجج ومناقشتها بشكل قانوني دون اغفال وذلك في اطار الاحترام الواجب لحقوق المتقاضي في الدفاع.
- ومناقشة أو تعليل الطلب وتسبيبه مسألة قانونية بحتة يختص بها رجل القانون أو الدارس له، وهي عملية ذهنية تعتمد على تكوين المدعي أو وكيله و مؤهلاته العلمية و المهنية ان كان الأمر يتعلق بمحام أو رجل قانون.
وتتجلى العملية الذهنية في محاولة المدعي تطويع النصوص القانونية وجعلها في خدمة مصالحه الشخصية والمالية أو الحق المدعى فيه على الخصوص ولابأس في استمالة الخصم وجره لمجراة وقائع القضية ومناقشة القانون المطبق بشأنها بالكيفية والفهم الذي يخدم مصالح المدعي.
- وبما أن تسبيب الطلب هي عملية ذهنية فان البعض اعتبره مجرد وسيلة أو صياغة لازمة للعبور بالوقائع الى الطلب أو الملتمس الأخير ويرى البعض أنه عملية قانونية صرفة تروم الواقعة بالنص القانوني.
- و لابأس أن يشير المدعي في مقاله للنصوص القانونية التي يريد من القاضي تطبيقها على وقائع قضيته رغم أن ذلك لايلزم القاضي في شيء ما لم يتعلق الأمر باغفال طلباته، لأن تعليل التكييف في آخر المطاف وهو من واجب القاضي وهو بصدد النطق بالحكم والا عرض حكمه الى الالغاء بسبب نقصان التعليل او لانعدامه.
الفقرة الرابعة: تحديد الطلب
- والطلب هو مناط الدعوى وهو الأمر الذي يطلب المدعي من القاضي أن يحكم له به، ويسمى هذا بالمدعى فيه،أو الحق المتنازع عليه أو المقضي فيه.
وأثناء تحديد الإطار القانوني لمقال الدعوى ننتقل إلى مرحلة ختامية للمقال للوصول إلى خلاصته والتركيز على الطلب النهائي المطلوب من المحكمة الحكم به أو ما يسمى بالملتمسات أي ما يطلب من المحكمة وتعتبر جوهرية وأساسية في أي مقال لكون العبرة في الاخير بالملتمسات وتكتسي أهمية بالغة أثناء اختتام المطالب النهائية أمام المحكمة.
- ويشترط في الطلب أن يكون معلوما اي محددا على وجه الدقة، و محققا لا مجرد مشكوكا أو على سبيل الظن وأن يكون المدعى به (الطلب) معتبرا قانونا ولا يخالف النظام العام أو الأخلاق الحميدة كما يشترط في موضوع الدعوى (الطلب) مما يتعلق به حكم أو غرض صحيح و لم يسبق للقضاء أن فصل فيه بحكم حاز قوة الشيء المقضى به و أن لا تشهد العادة أو العرف بكذبه كما لو ادعى شخص أنه اشترى عقارا من شخص آخر سنة كذا مع أن البائع في ذلك التاريخ لم يكن قد ولد بعد.
- كما تجب الإشارة الى بعض الإستثناأت الواردة بنص خاص او المتعلقة بالنظام العام ومن جملتها مساطر التسوية والتصفية القضائية ( خاص بمعالجة صعوبات المقاولة) فإن المحكمة قد تأمر بالتصفية القضائية رغم أن المدعي حدد طلبه في التسوية القضائية أو العكس وقضايا حوادث الشغل،حيث يكفي للمصاب الضحية أن يطلب من المحكمة تطبيق القانون دون تحديد مقدار التعويض ان لم يرغب في ذلك، وبعض قضايا التطليق و النفقة.
- و بما ان الطلب في النزاع المدني، المحور الأساسي في الخصومة القضائية فلا يمكن تصور خصومة دون طلب، فهو روح الدعوى وجوهرها والطلب اما أن يكون منشئا للحق أو مقررا له أو معدلا لحالة قانونية أو نافيها.
- كما تختلف طلبات الأطراف ايجابا وسلبا في التعاطي مع الدعاوى القضائية، لذا كان من المفروض تحديد الطلب بشكل دقيق وواضح ينسجم مع نوع الوثائق والمستندات المصرح بها على وجه الاستدلال.
- و تبرز أهمية تحديد الطلب الأصلي في تميزه عن باقي الطلبات المتشابهة فهو يحدد نطاق اختصاص المحكمة للبت في القضية المعروضة عليها نوعيا ( تجاري، مدني، اداري ، شرعي) أو قيميا كما لو كان موضوع الطلب أداء مبلغ معين من المال و بالتالي ترتيب الوصف القانوني للحكم الذي سيصدر ان كان ابتدائيا أو انتهائيا.
الفقرة الخامسة : التوقيع والمستندات
* التوقيع
- جاء في الفصل 31 من ق م م أن الدعوى ترفع الى المحكمة الابتدائية بمقال مكتوب موقع عليه من طرف المدعي أو وكيله، أو بتصريح يدلي به المدعي شخصيا ويحرر به أحد أعوان كتابة الضبط المحلفين محضرا يوقع من طرف المدعي أو يشار في المحضر الى أنه لا يمكن له التوقيع:
- إن إغفال التوقيع على المقال يجعله كان لم يكن.
- ان التوقيع على المقال توجبه القواعد العامة ومقتضيات الفصلين 31 من قانون المسطرة المدنية.
- قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 23/9/97 تحت عدد 578 في الملف العقاري عدد 5091/93 منشور بمجلة رسالة الدفاع عدد 2 ص 129 وما يليها.
- في حالة عدم توقيع المقال يتعين انذار صاحبه بتوقيعه قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 7/6/2000 تحت عدد 11 ص 207 وما يليها.
- وما دام أن الفقرة الأخيرة من الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية يعطي للقاضي أن يطلب عند الاقتضاء تحديد البيانات التامة أو التي وقع اغفالها، وأن المحكمة حينما صرحت بعدم قبول الاستئناف بعلة عدم توقيع المقال، دون أن تطالب المستأنف بتدارك هذا الاغفال وتنذره بتوقيع مقاله قبل أن تبت في القضية تكون قد عرضت قرارها للنقض ( نفس القرار أعلاه)
*المستندات ( المرفقات)
- وتعني جميع الوثائق والحجج التي ينوي المدعي الاستدلال بها من أجل اثبات حقه وحجة ما يدعيه ويستحسن ان تكون نسخ مصادق عليها و مطابقة للاصل خوفا على اصولها من الضياع او اندثارها مالم تطلب المحكمة حين سلوك مسطرة الزور و تحقيق الخطوط .
فإذا كانت الدعوى ء كما سبق الذكرء ترفع بواسطة مقال مكتوب وموقع من المدعي أو من ينوب عنه، أو بواسطة تصريح شفوي يقدمه المدعي أمام أحد أعوان كتابة الضبط، فان المشرع علاوة على ذلك ألزم المدعي بإرفاق مقاله بالوثائق والمستندات التي تثبت إدعاءه وهذا ما نجده منصوصا عليه وفقا لمنطوق الفقرة الثانية من الفصل 32 من ق.م.م الذي تنص على ما يلي: " ترفق بالطلب المستندات التي ينوي المدعي استعمالها عند الاقتضاء، مقابل وصل يسلمه كاتب الضبط للمدعي، يبين فيه عدد المستندات المرفقة ونوعها ".